کد مطلب:163891 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:278

معنی الشرک فی القرآن
قال الله سبحانه وتعالی:

«وعلی الذین هادوا حرمنا كل ذی ظفر ومن البقر والغنم حرمنا علیهم شحومهما الا ما حملت ظهرهما أو الحوایا أو ما اختلط بعظم ذلك جزینا هم ببغیهم وانا لصادقون-فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا یرد بأسه عن القوم المجرمین-سیقول الذین أشركو الو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شیء كذلك كذب الذین من قبلهم حتی ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا أن تتبعون إلا الظن وأن أنتم إلا تخرصون-قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعین-قل هلهم شهداءكم الذین یشهدون ان الله حرم هذا فان شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذین كذبوا بآیاتنا والذین لا یؤمنون بالآخرة وهم بربّهم یعدلون» (146/150 الأنعام).

ان تبریراً بسیطاً ونظرة خاطفة علی هذه الآیات تكشف لنا معنی الشرك، بعد أن ذكر الاحكام الشرعیة.یبین القرآن الحكیم فی بدایة قوله:

«فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة ولا یرد بأسه عن القوم المجرمین» (147/ الأنعام).

ثم یقول فی آیة أخری:

«سیقول الذین أشركوا شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شیء» (148/ لأنعام).

ونتابع مع سیاق الآیات:

«وهم بربهم یعدلون» (150/ الأنعام).

ومثل هذه الآیات كثیرة فی القرآن الحكیم كالآیة الكریمة التی تقول:

«أتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسیح ابن مریم وما أمروا إلا لعیبدوا إلهاً واحداً لا إله إلا هو سبحانه عما یشركون» (31/ التوبة).

وجاء فی الجزء العاشر من تفسیر المنار بصدد حدیثه عن الآیة السابقة نقلاً عن الرازی-وهو من كبار المفسرین المسلمین-فی كتابه مفاتیح الغیب: (ان الاكثریة من المفسرین قالوا: لیس المراد من اتخاذ الارباب من دون الله الاعتقاد بهم فقط، بل الطاعة فی الاوامر والارتداع عن النواهی).

ونقلاً عن عدی بن حاتم الذی كان نصرانیاً فأنتهی الی رسول الله (ص) وهو یقرأ سورة براءة فوصل الی هذه الآیة، فقال للرسول (ص) [لسنا نعبدهم] قال:

«ألستم تحرمون ما أحل الله فتحرمونه وتحلون ما حرم الله فتستحلونه؟!».

قلت: بلی. قال:[فتلك عبادتهم] ویعلق صاحب المنار علی الآیة والمفسرین فیها بما یلی: وجملة القول ان الله تعالی أنكر فی كتابه حسب رأیه وفهمه هذا حلال، وهذا حرام، هذا أیضاً ما یقوله الفخر الرازی فی تفسیره مفاتیح الغیب وهو حجة فی التفسیر كما هو حجة فی نقله عن أغلب المفسرین الاسلامیین فی عصره.

الآن وبعد اتضاح الرؤیة وانكشاف الغبار عن وجه الحقیقة.. لنطرح هذا السؤال علی أیدی الاستعمار المتلبسة بشعارات الاسلام [علماء البلاط ووعاظ السلاطین] ماذا تعنی هذه الآیة وهل هی ترتبط بواقعكم وخضوعكم للانظمة الغربیة والشرقیة؟

فی ذلك العصر عرف المفسرون المسلمون المعنی الحقیقی لهذه الآیة، والمعنی الحقیقی للشرك، الذی یقع فی قبالة التقوی، والتی تعنی الایمان بالوهیة الله فی التشریع، والتصمیم علی قبول النظام السیاسی للقیادة الاسلامیة الرسالیة، أی قبول قیادة النبی (ص) والائمة من بعده علیهم أفضل الصلاة والسلام.

الطاعة والتقوی هما ما كانت تهدف الیهما رسالات الانبیاء، فالتقوی فی مقابل الكفر، والطاعة فی مقابل الشرك.

اذا عرفنا ذلك فلنعرف قصة النبی ابراهیم علیه السلام.

ان النبی ابراهیم (ع) كغیره من الانبیاء علیهم السلام، كانوا یؤكدون علی هذه الفكرة، حیث بعث الی قومه وأخذ ینهاهم عن عبادة الاصنام كما جاء فی القرآن الحكیم:

«واتل علیهم نبأ ابراهیم - إذ قال لابیه وقومه ما تعبدون. - قالوا نعبد أصناماً فنظل لها عاكفین - قال هل یسمعونكم إذ تدعون أو ینفعونكم أو یضّرون - قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك یفعلون - قال أفرأیتم ما كنتم تعبدون - أنتم وآباؤكم الاقدمون» (69/76/ الشعراء).

یأتی نوح (ع) فیقول:

«فاتقوا الله وأطیعون».

ثم یأتی هود ویقول:

«فاتقوا الله وأطیعون».

كذلك ثمود حینما أرسل صالح الیهم قال لهم:

«انی لكم رسول أمین - فاتقوا الله وأطیعون».

ان رسالات الانبیاء علیهم السلام خط واحد یمتد عبر التاریخ، مهما طال وبعد، والامام الحسین علیه الصلاة والسلام تجسید لهذه الرسالات الالهیة، وقیامه كقیام أولئك الرسل علیهم الصلاة والسلام، ولكن بالرغم من ذلك فلابد أن نوف الكلام عن هذه الثورة.

ان الثورة الامام الحسین -علیه الصلاة والسلام-أشبه ما تكون بثورة موسی (ع)، فدم الامام الحسین (ع) بمثابة عصی موسی، هذا الدم أریق ظلماً علی صحراء كربلاء وأما السحرة الذین سجدوا لرب موسی وآمنوا به فی لحظات قلیلة رغم كل الضغوط فمثلهم كمثل من التحق بالامام الحسین علیه الصلاة والسلام، ومنهم من تغیر فی ظرف أیام أو ساعات كوهب الذی ترك دینه السابق بعد أن تفجرت فی قلبه ینابیع الایمان التی اجتاحت تاریخه الماضی وأمحت سلوكه القدیم من الوجود، وكذلك الحر بن یزید الریاحی الذی انتقل فجأة من مستنقع الشرك ونصرة الباطل الی جنة الایمان ونصرة الحق. فكل أصحاب الامام الحسین (ع) هم رمز البطولة التی تتحدی كل الضغوط انّی كان حجمها ومصدرها.

ولنتدبر فی هذه الآیة الكریمة لكی نعرف كیف كانت حركة الامام الحسین علیه الصلاة والسلام امتداداً لحركة رسالات السماء عبر التاریخ. إذ یقول الله سبحانه:

«وألقی السحرة ساجدین - قالوا آمنا برب العالمین - رب موسی وهارون - قال فرعون آمنتم به قبل أن اذن لكم ان هذا لمكر مكرتموه فی المدینة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون - لأقطعن أیدیكم وأرجلكم من ثم لأصلبنكم أجمعین - قالوا انّا الی ربنا منقلبون» (120/125/ الأعراف).

هكذا تحدوا طغیان فرعون.. كما تحدی أصحاب الامام الحسین علیه الصلاة والسلام فرعون زمانهم [یزید] فالحركة الاسلامیة عبر تیار التاریخ، أنما بنیت وارتفع منارها علی مثل هؤلاء الابطال، الذین تحدوا كل أسباب الضغوط بأرادتهم الرسالیة الصلبة.